تتميز طباعة الحروف العربية بتاريخها الحافل وطريقة كتابتها الدقيقة، ما جعلها مصدرًا يلهم المصممين والطباعيين في جميع أنحاء العالم، ويستهويهم ويجتذبهم.
لقد تبنّت عدّة ثقافات الأبجدية العربية لإنشاء أنظمة كتابة أصيلة خاصة بها، من خلال نسخة معدلة من النص العربي، ومن ضمنها: الفارسية، والباشتو، والداري، والأردية، والجاوية، والماليزية، والكردية، والأويغورية. واستخدمت لغات مختلفة أيضًا أنماطًا متنوّعة من الخطوط العربية، مثل خط النسخ، وخط الرقعة، وخط النستعليق، والخط الديواني، والخط الكوفي، حيث كان كل نص عربي يحمل في طياته هوية وتراثًا ثقافيًا فعّالاً.
بدأت هذه الخطوط رحلاتها منذ قرون خلت؛ فقد مرّت بالعديد من الأحداث البارزة، والتكرارات، والتحديات، كما شهدت تغيرات سياسية وثقافية مختلفة، بدءًا من حذف للعديد من الخطوط الأنماط البصرية، وحرق للكتب والمراجع المصوّرة في ظل الإمبراطورية العثمانية وحتى عصر العولمة، حيث ظهرت هناك حاجة إلى الدمج بين الطباعة والكتابة بالخط اللاتيني، وذلك بسبب الرأسمالية والاستعمار.
إنني على يقين بأننا بحاجة إلى المزيد من المصممين والحالمين لمدّ الجسور بينهم، واحتضان متطلبات العالم المعاصر، مع تحويل سلس لما يوجد بها من نصوص عربية وتحف ثقافية لا حصر لها إلى قوالب رقمية جديدة، مع تجنب مبدأ تخصيص الحروف العربية لغرض وحيد، والتبسيط المفرط لأشكالها، ثم إعادة تأطير تلك الزاوية السياسية التي نضع من خلالها تصوّرنا للتصميم، وننفّذه، ونلقّنه.